سلطان بن أحمد القاسمي يشهد افتتاح الملتقى العربي الرابع للتراث الثقافي

سلطان بن أحمد القاسمي يشهد افتتاح الملتقى العربي الرابع للتراث الثقافي

تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، شهد سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة، صباح يوم الإثنين، افتتاح الملتقى العربي للتراث الثقافي في نسخته الرابعة، والذي ينظمه المركز الإقليمي لحفظ التراث الثقافي في الوطن العربي (إيكروم-الشارقة)، بالتعاون مع معهد الشارقة للتراث، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)، تحت شعار ” ثقافة العمران وصمود التراث”، وذلك في مقر المكتب بمركز المنظمات الدولية للتراث الثقافي بالمدينة الجامعية.

استهل الحفل بالسلام الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، ألقى بعدها الدكتور زكي أصلان، مدير المكتب الإقليمي لحفظ التراث الثقافي (إيكروم – الشارقة)، كلمة، قدم فيها الشكر والتقدير إلى صاحب السمو حاكم الشارقة على جهود سموه الكبيرة في دعم التراث الثقافي والمؤسسات العاملة فيه، مما جعل الشارقة منارةً لكافة دول الوطن العربي في هذا المجال. كما وجه الشكر والتقدير إلى سمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، على تشريف سموه حفل افتتاح الملتقى.

وتناول الدكتور زكي أصلان أهمية هذا الملتقى، مشيراً إلى أهمية الحفاظ على التراث العمراني في جميع دول الوطن العربي، قائلاً // لاشك أن موضوع الملتقى، الذي تم اختياره هذا العام بعد بحث ونقاش مستفيضين مع شركائنا المحليين والإقليميين والدوليين، ينسجم بشكل كبير مع احتياجات المرحلة الحالية وتوجهات الدول والأولويات التي تصب في اهداف التنمية المستدامة 2030، ويتماشى مع رؤية ومهام المكتب الإقليمي لحفظ التراث الثقافي (إيكروم – الشارقة) التي عبرنا عنها من خلال العديد من المشاريع والنشاطات منذ الاتفاق على انشاء هذا المكتب برعاية صاحب السمو حاكم الشارقة في عام 2012 //.

وأشار مدير مكتب إيكروم- الشارقة، إلى أن الملتقى هذا العام يتزامن مع الاحتفال بذكرى مرور عشرة أعوام على تأسيس المكتب، وذلك بدعم واستضافة كريمة من حكومة الشارقة، حيث تحول مكتب إيكروم-الشارقة المكتب بعد أعمال تأسيسه على مدار أكثر من عشر سنوات ،إلى مؤسسة مرجعية لحماية وتعزيز التراث الثقافي الغني في المنطقة العربية بالذات والدعوة للحفاظ عليه، والاستفادة من التعاون بين الشبكات الدولية والجهات المعنية من خلال النشاطات الإقليمية التي تلبي احتياجات وأولويات الدول الأعضاء في المنظمة وبناء جسور التواصل والعمل المشترك فيما بينها.

من جانبه حيّا الدكتور جون روبنز، رئيس المجلس التنفيذي لمنظمة إيكروم، في كلمته، جهود إمارة الشارقة ومكتب إيكروم-الشارقة في العمل الدؤوب لتحقيق كافة أهداف الحفاظ على هوية وتراث المجتمعات عبر الفعاليات المتنوعة التي تنظم ويتم استضافتها، وقال // يبحث الملتقى خلال أيام أعماله، العلاقة بين ثلاثة مفاهيم مهمة في التراث الثقافي. أحد هذه المفاهيم قديم جدًا، وهو العمران أو البيئة المبنية بشكل عام، أما المفهومان الآخران فهما معاصران وأعني بهما المرونة والرعاية المجتمعية للتراث الثقافي، إن مفهوم البيئة المبنية كتراث ثقافي يملك جذوراً قديمة في قيمنا الدينية والاجتماعية والفنية، بينما تعود مفاهيم المرونة والاعتماد على المجتمع إلى وقتنا الحاضر، والمؤتمر يسلط الضوء على الحاجة الملحة لمعالجة تقاطع هذه الموضوعات الثلاثة //.

وتناول الدكتور محمد ولد أعمر، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “ألكسو”، في كلمةٍ له، عبر تقنية الفيديو، أهمية الملتقى والموضوع الذي يطرحه قائلاً // يعكس موضوع الملتقى أهمية النتائج التي وصلتها البحوث والدراسات المتعلقة بالتراث الثقافي والوعي بمختلف العوامل الفاعلة فيه والمحدّدة لاستدامته، وهو يعالج أحد أقدم المفاهيم التي عرفتها الإنسانية في تنظيم أشكال عيشها واستقرارها ألا وهو العمران، وما تبلور حوله من نظرياتٍ وأفكارٍ ومقارباتٍ وعلى رأسها المقاربة التي يعالجها هذا الملتقى وهي ثقافة العمران وصمود التراث //.

من جانبه ألقى الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، كلمة، ثمّن فيها جهود إمارة الشارقة الكبيرة بقيادة صاحب السمو حاكم الشارقة الرامية إلى المحافظة على المباني التاريخية والمواقع التراثية، وإحيائها، من خلال أعمال الحماية والترميم التي طالت معالم الإمارة وبيوتها التراثية، وأسواقها الشعبية ومساجدها ومدارسها، وإعادة توظيف وإحياء مناطق الشارقة القديمة.

وأوضح رئيس معهد الشارقة للتراث، تلاقي الملتقى مع هذه الجهود الكبيرة لإمارة في مختلف مجالات التراث والثقافة، قائلاً // إن الملتقى يأتي تجسيداً لرؤية الشارقة في هذا الجانب، واتساقاً مع توجّهاتها في حفظ التراث العمرانيّ، وإحياء الذاكرة المكانية، والتي أسهمت في تقديم الصون العاجل للمعالم والمباني التراثية التي كانت على مشارف السقوط والاندثار //.

وعبّرت الدكتورة دينا عساف، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، في كلمة لها عبر تقنية الفيديو عن أهمية مفهوم العمران وعلاقته بالتراث الثقافي، مقدمةً الشكر والتقدير إلى إمارة الشارقة لدعمها الجهود الدولية في الحفاظ على التراث الثقافي بشكل عام.

وأضافت الدكتورة دينا عساف مشيرةً إلى أن التراث الثقافي هو تعبير قوي عن هويتنا ومن نحن كمجتمع بشري، ويعمل في نفس الوقت، على توحيد المجتمع وبناء الشعور بالفخر والانتماء، حيث أن موضوع الملتقى هذا العام، يجعلنا نتذكر أن البيئات المبنية (العمران) ليست مجرد هياكل مادية، بل هي تجسيد يعكس هويتنا وتقاليدنا وطموحنا وكياننا المشترك.

واختتم حفل الافتتاح بمقطوعة موسيقية عزفتها فرقة جذور الموصل من العراق، وهي فرقة موسيقية شبابية تهتم بإعادة إحياء التراث الموسيقي الموصلي، كما عرض فيلم وثائقي بعنوان “عقد من الإنجازات”، لخّص رحلة مكتب “إيكروم-الشارقة” على مدار عشرة أعوام، مستعرضاً كافة الأنشطة والبرامج التي تم تطويرها خلال هذه الفترة، والإنجازات التي تحققت بفضل رعاية ودعم حكومة الشارقة.

يسلط الملتقى العربي الرابع للتراث الثقافي، الضوء على السبل التي تمكّن المجتمع من الحفاظ على تراثه الثقافي في مواجهة التهديدات التي تحدق به، كما يناقش دور ثقافة المجتمعات في صمود البيئات التاريخية والحفاظ عليها، بالإضافة إلى كيفية تأقلمها خلال الأزمات وبعدها، كما يناقش الملتقى مفهوم ثقافة العمران بشكل عام بالتركيز على البعد المجتمعي والتكيف النابع من السياقات المحلية والمعارف التقليدية وغيرها كأدوات من أجل صمود واستدامة التراث الثقافي والبيئات التاريخية، كما سيعمل الملتقى بمثابة منصة حقيقة لبدء محادثات متعددة التخصصات حول الممارسات لزيادة صمود التراث الثقافي وتعافيه من جراء النزاعات والتغير المناخي.

ويركز الملتقى العربي الرابع للتراث الثقافي (2023) هذا العام على خمسة محاور رئيسة هي: مفهوم ثقافة العمران، وأهمية ثقافة العمران في تعزيز دور المجتمع لاستدامة التراث الثقافي، وجاهزية التراث كأداة من أجل الصمود، والتكيف المجتمعي والمرونة أو الصمود القائم على الثقافة، إلى جانب إدراج التراث الثقافي في السياسات كمنهجية لترابط المجتمع والشمولية والمساواة.

تضمنت فعاليات اليوم الأول جلستان رئيستان، استعرضت الأولى المحور الأول للملتقى برئاسة السيدة ميسون عزام، ومشاركة أربعة متحدثين رئيسيين هم الدكتور طارق والي، الدكتور وائل سمهوري، الدكتور باستيان فاروتسيكوس، والدكتور خالد كشير. بينما استعرضت الجلسة الثانية المحور الثاني للملتقى، وكانت برئاسة الدكتور كلير دلتون، ومشاركة خمسة متحدثين هم الدكتور سلمان المحاري، الدكتور مظفر سالم، المهندسة لينا أبو سليم، الدكتور عبد الحميد فنينة، وأخيراً الدكتور عبد العزيز توري. بينما تختتم فعاليات هذا اليوم بجلسة نقاش بين المشاركين والحضور.

وستتواصل فعاليات الملتقى لمدة ثلاثة أيام، حيث ستغطي الجلسات القادمة المحاور الأساسية الأخرى للملتقى، وتستمر حتى يوم الخميس المقبل، حيث سيختتم الملتقى العربي الرابع للتراث الثقافي بجلسة خاصة لعرض النتائج والتوصيات.

By haidar